اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على هذا النَّبي الكريم، وعلى آله وصحابته، وأحينا اللهمَّ على سُنَّته، وأمتنا على مِلَّته، واحشُرْنا في زمرته، مع الَّذين أنعمت عليهم من النَّبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا.
أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون:
نستقبل اليوم الجمعة الأولى من العام الخامس بعد أربعة عشر قرنًا من هجرة رسول الله ﷺ (1405هـ)، ذلك الحدث العظيم الَّذي ألهم الله عمر وأصحاب رسول الله ﷺ معه: أن يجعلوه بداية لتاريخ الإسلام.
ذلك أنَّ دولة الإسلام إنَّما قامت بالهجرة، أسَّس رسول الله ﷺ الدولة الإسلامية، دولة العدل والإحسان، دولة العلم والإيمان، دولة الفضيلة والأخلاق، دولة الحقِّ والخير، أسَّسها رسولُ الله ﷺ في مدينته المُنَوَّرة بعد هجرته ﷺ .
ولهذا كان من حقِّنا أو من حقِّ الهجرة علينا أن نتحدَّث عنها بعض الشيء، لنُلْقِي الضوء على هذا الحدث التاريخي الجليل.
دعوة التوحيد:
لقد شاء الله تعالى أن يبعث رسوله ﷺ بالهُدَى ودِينِ الحقِّ في «مكَّة» أرض البيت الحرام والمسجد الحرام، أن يبعثه بدعوة التوحيد، ليُحْيي مِلَّة إبراهيم 0 ، أن يدعو النَّاس إلى تحريرهم من عبادة غير الله، من عبادة العباد، من عبادة الذات، من عبادة الأوثان، فلا يشركوا بالله شيئًا، ولا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، كانت هذه هي دعوة رسول الله ﷺ .