والعِلمانيون الَّذين يسمُّون هذه الخُطب سياسيَّة، يستنكرون على خطبائها: أنَّهم يخلطون الدين بالسياسة، والسياسة لا يجوز أن تدخل في الدِّين، وقد قال قائلهم يومًا: لا دينَ في السياسة، ولا سياسة في الدين.
كأنَّما يريد هؤلاء أنْ يحتكروا السياسة والحديث في السياسة لهم، حتَّى تكون بمعزل عن الإيمان والقيَم والأخلاق، فإذا تكلَّم المؤمنون في السياسة قالوا ما قالوا.
ولا يستطيع عالم أو داعية أن يتخلَّى عن الكلام في السياسة، أي: في الأمر العام للجماعة والأمَّة؛ لأنَّ هذا من النصيحة في الدين، والتواصي بالحقِّ والصبر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وكلُّها فرائض إسلاميَّة أساسيَّة لا خلاف عليها.
والعجيب أنَّ غير المسلمين قد اهتموا بهذه الخُطب اهتمامًا بالغًا، وأوسعوها بحثًا وتحليلًا، وألَّفوا الرسائل والكتب في شأنها، ومدى تأثيرها على الجماهير المسلمة.
وقد رأينا الصهاينة يجأرون بالشكوى من هذه الخُطب الَّتي تتميَّز بالتوعية والحماسة للجماهير المسلمة.
وفي سنة 2000م نشرت الصحف الخليجيَّة نقلًا عن صحف إسرائيليَّة أنَّ كبير الحاخامات في الدولة الصهيونيَّة: ندَّد بعلماء الدين المسلمين، وقال: إنَّهم الَّذين يقومون بالدور الأكبر في التحريض على إسرائيل، ومعاداة إسرائيل، ومقاومة إسرائيل، تحت راية الجهاد في سبيل الله!
قال الحاخام الأكبر: ويأتي على رأس هؤلاء جميعًا: القرضاوي، فهو الأشدُّ تحريضًا، والأقوى تأثيرًا، والأوسع نفوذًا؛ بما له من شعبية واسعة بين المسلمين، وقبول عام وخصوصًا بين الشَّباب، وبما أتيح له من إمكانات في تعميم خطبه ومحاضراته وبرامجه عن طريق شاشات التليفزيون الَّتي فَتحت أبوابها له.