وقد قرأ علي الدكتور مرسي نصًّا مستفيضًا من الكتاب، يتضمن فقرة طويلة استغرقت صفحات، من أوَّل خُطبة لي خطبتها في ميدان عابدين (أحسب أنَّها كانت سنة 1977م عند زيارة السادات لإسرائيل لأوَّل مرَّة)، حين سمعته تذكَّرت كلماتي الَّتي ارتجلتُها في حينها، هذه الفقرة تقول:
من أراد أن يَعْرِف مصر على حقيقتها، فليأت إلى هذه السَّاحة، ولينظر هذا الشَّباب، الَّذي رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبالقرآن منهاجًا، وبمحمد نبيًّا ورسولًا.
مصر هي هذا الشَّباب المؤمن القوي، وليست مصر هي «شارع الهرم» وملاهي الليل، ومواطن العبث.
مصر الَّتي حملت راية الإيمان طوال التاريخ، منذ عهد الفراعنة، إلى أن رضيت الإسلام لها دينًا، وقاومت الصليبيين والتتار دفاعًا عنه، إلى آخر هذه الفقرة، الَّتي لم أعد أذكرها.
ومعنى هذا: أنَّ القوم سجَّلوا الخُطبة في حينها، ثمَّ أفرغوها على الورق، وترجموها إلى الفرنسية، وطفقوا يدرسونها، ويحلِّلون نصوصها.
وهذا كلُّه يدلُّنا على أهمية المسجد ودوره في الحياة الإسلاميَّة، وهذا واضح منذ عهد النُّبوة، فقد كان المسجد: جامعًا للعبادة، وجامعة للعلم، ومنتدى للتعارف، وملتقى للتفاهم، وبرلمانًا للتشاور(1).
ولا زال المسجد تاريخيًّا يقوم بمهمته في الحفاظ على كيان الأمَّة ومقوِّماتها، وخصوصًا في أوقات الأزمات ومدلهمَّات الخطوب، مثل أيام الزحف الصليبي، والهجوم التتري قديمًا، والغزو الاستعماري حديثًا على الأمَّة.