الحيوان لا يؤذي، البقرة لا تقتل، والحمار لا يقتل، هذا شرٌّ من البقرة والحمار ومن الأنعام، إنَّه وحشٌ كاسِر.
بل إن كثيرًا من الوحوش لا تقتل إلَّا إذا جاعت، الأسد لا يأكل الإنسان إلَّا إذا جاع، يقتله من أجل أن يملأ معدته.
فالوحوش أرحم من هؤلاء، هؤلاء الَّذين يرتدُون ثياب البشر وليس في صدورهم قلوب البشر، نُزعت الرَّحمة من قلوبهم، فهم أولى ألَّا يُرحموا من الله تعالى، فإنَّما يرحم اللهُ من يرحم النَّاس: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»(1).
ولهذا كتب الله على هؤلاء القِصاص، كما قال تعالى: ﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِى ٱلْقَتْلَى ﴾ ، أي: فرض عليكم، كما قال: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ ﴾ ، ففرضية القِصاص كفرضية الصِّيام.
والنَّاس في عصرنا في الحضارة الحديثة يلغون عقوبة الإعدام، ويطالبون المسلمين بأن يلغوا عقوبة الإعدام، يرحمون القاتل ولا يرحمون المقتول وأهل المقتول، يُشفقون على المجرم ولا يُشفقون على ضحاياه، يزعمون أنَّهم أرحم من الله بعباده، وهيهات هيهات.
إنَّ الله الَّذي خَلق النَّاس هو أعلم بهم، أعلم بما يُصلِحهم وما يُفسدهم، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها، ولكنَّه قرَّر القِصاص: ﴿ وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَـٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ .