أي أن الإنسان قد يؤخذ بذنب غيره، هكذا يقول الشاعر، فقال الرجل: إذا كان الشاعر قد قال هذا فإن الله تعالى قال على لسان يوسف 0 : ﴿ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَـٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذًا لَّظَـٰلِمُونَ ﴾ ، وهذا هو المعنى الذي أكده القرآن حين قال: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾ ، المسؤولية الفردية، ولما سمع الحجاج هذه الآية من الرجل قال: خلوا سبيله، صدق الله وكذب الشاعر(1) !
هكذا كان الناس، ولذلك مهما قيل إن الأمة الإسلامية قد انحرفت، فإن الإسلام ظل أساس حياتها، ولم يحدث انفصام عن شريعة الإسلام إلا في هذا العصر، يوم دخل الغزو الاستعمار بلاد المسلمين، وأقام للناس مناهج وقوانين جديدة تحكمهم وتوجههم غير قوانين ومناهج الإسلام، ما عرف هذا في وقت قط؛ لأن مقتضى الإيمان يحتم على الأمة أن ترجع إلى دينها، وإلى كتاب ربها، وسنة نبيها محمد ﷺ .
هذا هو منطق الإيمان، وإذا احتكمنا إليه يجب أن نعود إلى القرآن وإلى السنة وإلى الإسلام حكامًا ومحكومين، وإلا رمينا بالنفاق وبالكفر وبالظلم وبالفسق، والذي يرمينا بذلك هو القرآن كما قال الله تعالى في سورة المائدة في آيات ثلاث: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ ﴾ ، ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ﴾ ، ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ ﴾ ، ثلاث آيات أين الفرار منها؟
ولو كان رمحًا واحدًا لاتقيتُه
ولكنه رمح وثان وثالث !(2)
بعض الناس يقولون: هذه آيات نزلت في أهل الكتاب ولم تنزل في المسلمين، ونقول لهم: هذا صحيح، ولكن لفظها عام، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.