مـقـدمــة
الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتمهم المجتبى، محمد وآله وصحبه مصابيح الدجى، ومَن بهم اقتدى فاهتدى.
(أما بعد)
فإن المسلمين يعانون اليوم جملة أزمات خطيرة، إذا لم يعالجوها فقد تهدِّد وجودهم وبقاءهم بوصفهم أمة متميزة، ذات رسالة حضارية للعالَم، بوَّأها الله مكان الأستاذية والشهادة على الناس، ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ .
وأشد هذه الأزمات خطرًا أزمتان: الأزمة الفكرية، والأزمة الأخلاقية. الأولى تتعلق بعقول الأمة، والثانية تتعلق بضمائرها. ولا حياة لأمة ما لم تستقم عقولها، أو تحيَ ضمائرها.
ومن أبرز مظاهر الأزمة الفكرية: سوء الفَهم للإسلام، الذي أصيب به كثير من أبناء الأمة، وبعض هذا السوء موروث من عصور التراجع والتخلُّف الذي ابتُلي به المسلمون، نتيجة لانتشار الجمود في الفكر، والتقليد في الفقه، والشكلية في العقيدة، والصورية في العبادة، والسلبية في التصوف.