كما وحَّدت الآداب هذه الأمَّة، أينما لقيت أخًا مسلمًا واجهك بقوله: السلام عليكم. يقولها العربي والعجمي، أينما لقيتَ المسلمَ وجدتَه يبدأ طعامَه باسم الله، ويختمه بالحمد لله، ويأكل باليمين، ويشرب باليمين.
كلُّ هذه الأمَّة تؤمن بعقائد واحدة، وشعائر واحدة، وآداب واحدة، وقيم أخلاقيَّة واحدة، وتؤمن بشريعة واحدة، ومنهج واحد، مصدره الوحي الإلٰهي، مصدره السماء وليس نابتًا من الأرض. أمَّة إلهها واحد، ورسولها واحد، وكتابها واحد، وعقيدتها واحدة، وقبلتها واحدة، وشعائرها واحدة، وآمالها واحدة، وآلامها واحدة، ومشاعرها واحدة، هذه هي أمَّة الإسلام.
فلا عجب أن يتقارب أبناؤها، وأن يتضامن أهلها، وأن يتجمَّع قادتها وزعماؤها؛ ليفكروا في مصير أمَّتهم، ليحاولوا أن يجدوا الحلول لمشكلاتهم، هذا ما يفرضه عليهم الدِّين، وما يُحتِّمُه عليهم الواقع، اتِّحاد هذه الأمَّة وتقاربها وتضامنها فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدِّين، وضرورة يُحتِّمُها الواقع.
الواقع الَّذي نعيش فيه، العصر الَّذي نحيا فيه هو عصر التكتُّلات الكبرى، ليس فيه مجال للكيانات الصغيرة، الكيانات الصغيرة لا يمكن أن تعيش في هذا العصر؛ إلَّا إذا استعانت بغيرها، فإذا لم تستعنْ بأخواتها وأشقَّائها استعانت بالأجنبي الَّذي لا يريد لها خيرًا، ولا ينشد لها رفعة؛ فأوْلى بأبناء الملَّة الواحدة والعقيدة الواحدة: أن يتجمَّعوا، وأن يتكتَّلوا.
نحن في عصر التكتُّلات الكبرى، رأينا التكتُّل الأوروبي، ورأينا التكتُّل الأمريكي المكسيكي الكندي، ورأينا التكتل الآسيويّ، فينبغي أن يتكتَّل المسلمون باعتبارهم أمَّة واحدة، تجمعهم جوامع، وتربطهم روابط، وتشترك بينهم مصالح، لماذا لا تحاول الأمَّة الإسلاميَّة التغلب على الصعوبات والعقبات والمُعَوِّقات، وتقارب بين أبنائها بعضهم وبعض؟ الكيانات الصغيرة لا قيام لها، ولا بقاء لها في عصرنا هذا، عصر التكتُّلات الكبرى.