وهذا الحديث نفسه ينافي الأحاديث الأخرى الَّتي جاءت بأنَّ للإسلام دولة آخر الزمان، وأنَّه سيأتي المهدي، وسيأتي المسيح، وسيأتي كذا، فكيف ندع النصوص يضرب بعضها بعضًا؟ الواقع أنَّ أحاديث الفتن يسيء كثير من النَّاس فهمها.
فترات وموجات:
كنت في مناقشة أيضًا مع بعض النَّاس حول حديث: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ»(1). فإذا كان الإسلام في غربة فلماذا العمل؟ ولماذا الجهاد؟ ولماذا كل هذه الجهود؟ هكذا يريدوا أن يفهموا أحاديث الرسول ﷺ !
والإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا، وستزول غربته، هي فترات وموجات، تذهب موجة، وتأتي موجة، لم يقل النبيُّ ﷺ : إنَّ الإسلام سيظلُّ غريبًا إلى أن تقوم الساعة. وكما يقول الإمام ابن القَيِّم: قد تكون غُربة في بلدٍ دون بلد، وفي زمنٍ دون زمن، وعند قومٍ دون آخرين، وفي حال دون حال، ليست غربة عامَّة ولا دائمة ولا شاملة(2). هذا هو الواقع، الإسلام لا تغيب شمسه أبدًا، قد تغيب في جزء من العالم لتطلع في عالم آخر.
سقط المسلمون في الأندلس جزاء أعمالهم واختلافهم، وإعراضهم عن الإسلام؛ ولكن شمس الإسلام طلعت في نفس الوقت هناك في المشرق بفتح القسطنطينيَّة، وانتصار العثمانيين، وهكذا، وفي عصرنا نرى هذا بوضوح، فليس الأمر كما يظن هؤلاء الناس.