في أمريكا لا يستطيع الإنسان أن يأمن على نفسه، هو مُهَدَّد في رزقه، مُهَدَّد في حياته، مُهَدَّد في أهله، مُهَدَّد في نفسه، في أيِّ وقت من الأوقات، هناك شوارع في المدن الكبرى في أمريكا لا يستطيع النَّاس أن يمشوا فيها في وضح النهار، يمكن أن تُسرق، ويمكن أن تُقتل، ولا يستطيع أحد أن يدفع عنك، رغم وجود الشرطة، ورغم قوَّة السلطة، ورغم أجهزة الإنذار، ورغم النَّجدة، ورغم هذا كُلِّه لا يستطيع أحد أن يسعفك.
حينما ندخل الفنادق يحذروننا، انظر في العين السحريَّة، لا تفتح لأيِّ طارق، احرصْ على كذا وكذا. وإذا خرجتَ لا يكن معك نقود كثيرة، وأيضًا احرصْ أن يكون معك بعض النُّقود، بعض الدولارات؛ لأنَّ هذا اللص المسلح الَّذي يُسرع إلى مسدسه أو إلى سِكِّينه بأسرع من البرق الخاطف إذا لم يجد معك شيئًا ربَّما قتلك من غيظه، ليكن معك قليلٌ من النقود؛ حتَّى تستطيع أن تُسْكِته، لا تأخذْ معك كثيرًا من المال، وإيَّاك أن تتجرَّد من المال تمامًا.
هذا المجتمع الراقي لا أمن فيه، في كلِّ عدة ثوانٍ تحدث جريمة: جريمة قتل، جريمة اغتصاب، جريمة سرقة.
هناك عصابات مُنَظَّمة، تستخدم العلم والتكنولوجيا في السرقات، ولهذا النَّاس هناك في حاجة إلى الأمن.
الإيمان مصدر الأمن الداخلي:
يبدأ الأمن بالأمن الداخلي، الأمن النَّفسي، الأمن الروحي، أنْ يحس الإنسان أنَّه آمِنٌ مطمئن في داخل ذاته، وهذا لا يأتي إلَّا من العقيدة، من الإيمان الحقِّ، من التوحيد الصادق، أن يشعر أنَّ البشر لا يملكون له ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وإنَّما أمره كلُّه بيد الله، النَّاس يخافون على الأرزاق، والأرزاق مقسومة، ويخافون على الآجال، والآجال محتومة، الرزق والأجل بيد الله، لا يستطيع أحد أن يأكل من رزقك لقمة، أو ينقصك من رزقك درهمًا، ولا يستطيع أحد أن يقدِّم أجلَك دقيقة أو ثانية، فلهذا يعيش الإنسان مطمئنًّا في داخله، في حصانة التوحيد، هذا معنى قول الله تعالى: ﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوٓا إِيمَـٰنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ .