يبدأ الأمن بالأمن الداخلي، الأمن النَّفسي، الأمن الروحي، أنْ يحس الإنسان أنَّه آمِنٌ مطمئن في داخل ذاته، وهذا لا يأتي إلَّا من العقيدة، من الإيمان الحقِّ، من التوحيد الصادق، أن يشعر أنَّ البشر لا يملكون له ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وإنَّما أمره كلُّه بيد الله، النَّاس يخافون على الأرزاق، والأرزاق مقسومة، ويخافون على الآجال، والآجال محتومة، الرزق والأجل بيد الله، لا يستطيع أحد أن يأكل من رزقك لقمة، أو ينقصك من رزقك درهمًا، ولا يستطيع أحد أن يقدِّم أجلَك دقيقة أو ثانية، فلهذا يعيش الإنسان مطمئنًّا في داخله، في حصانة التوحيد، هذا معنى قول الله تعالى: ﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوٓا إِيمَـٰنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ .
هذا هو الأمن النفسي، ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَـٰنُ لِٱبْنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَـٰبُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ؟»(1).
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ عَلَيْكُمْ سُلْطَـٰنًا ۚ فَأَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، مَن الَّذي يخاف؟ الموحِّد أم المشرِك؟
﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوٓا إِيمَـٰنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ .
المُوَحِّد سدَّ منافذ الخوف كلَّها.
أمَّا غير المؤمن وغير المُوَحِّد يخاف من كلِّ شيء، ويخاف على كلِّ شيء، الشاب يخاف من الشيخوخة، والغني يخاف من الفقر، والسليم يخاف من المرض، والحي يخاف من الموت، وكلُّ إنسان يخاف من المجهول، يخاف من الغد، ممَّا يُخَبَّأ له ولا يدريه.