وهو يُستعمل في هذا المعنى كثيرًا جدًّا في القرآن الكريم، ذلك لأن روح العبادة هي الشعور بالافتقار إلى الله، والتضرع إليه، والابتهال إليه، هذا الشعور هو روح العبادة، هو مخُّ العبادة، ولذلك قال: «الدعاء هو العبادة».
ولهذا يأمرنا الله 8 أن ندعوه: ﴿ ٱدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ ، ﴿ وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ ، ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا ﴾ .
إجابة الدعاء لا تنقص من ملك الله شيئا:
نحن في حاجة إلى أن ندعو الله 8 لأنَّنا الفقراء وهو الغني، ولأنَّنا الضعفاء وهو القوي، ولأنَّنا العاجزون وهو القادر، مهما سألنا الله 8 فلن يُعْجِز ذلك ربَّنا، ولن ينقص من خزائنه شيئًا. وفي الحديث القدسي الصحيح: «يا عبادي، لو أنَّ أوَّلكم وآخِرَكم، وإنسكم وجنَّكم اجتمعوا في صعيدٍ واحد، فسألوني فأعطيتُ كلُّ واحدٍ مسألته»، لو أنَّ كلَّ الخلائق من إنسها وجنِّها، وعربها وعجمها، وأبيضها وأسودها اجتمعوا في مكان واحد، وطلب كل واحد من الله ما يريد، فمن يريد غنى، ومن يريد أولادًا، ومن يريد زوجة، ومن يريد منصبًا، وأعطى الله الجميع، «ما نقص ذلك من مُلْكي شيئًا إلَّا كما يَنْقُص المخيطُ إذا أُدخل البحر»(1). المِخْيَط أداة الخيط أو الإبرة، لو أدخلت الإبرة الخليج، أو البحر الأبيض أو الأحمر؛ فماذا تأخذ منه، لو كانت قطنة فربما أخذت شيئًا، لكنها إبرة ملساء فماذا تأخذ، لا ينقص من ملك الله شيء.