موضوعنا الليلة عن «تجديد الدين الذي ننشده»، انطلاقًا من الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه وصحَّحه، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، والخطيب في التاريخ، وصحَّحه زين الدين العراقي، ورمز له السيوطي بالصحَّة في جامعه الصغير، وأقرَّه على ذلك العلَّامة المُنَاوي، عن أبي هريرة 3 قال: قال رسول الله ﷺ : «إنَّ الله يبعث لهذه الأُمَّة على رأس كلِّ مائة سنة مَن يُجدِّد لها دينها»(1). فهو حديث صحيح، وإن لم يرد في الصحيحين، وقد صدَّقه الواقع.
سبب اختيار الموضوع:
وإنما اخترتُ هذا الموضوع لسببين رئيسين:
الأول: مقاومة اليأس من انتصار الإسلام:
أن أقاوم موجة اليأس التي انتشرت بين المسلمين في الزمن الأخير، والظنَّ القائم أنَّ الدين دائمًا في إدبار، وأنَّ الكفر في إقبال، وأنَّنا في آخر زمن، وأنَّه لن تقوم للإسلام دولة، ولن ترتفع له راية، وعزَّز مَن ظنَّ هذا الظنَّ، وفهم هذا الفَهم، ووهم هذا الوهم، بأحاديث وردت في الفتن وأشراط الساعة، ظنُّوا من خلال فَهمهم لهذه الأحاديث، أنَّه لا فائدة من عمل يُرجى، ولا من إصلاح يُنشَد.
واعتمدوا كذلك على أحاديث، مثل حديث: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء»(2). مع أنَّ في بعض الأحاديث: قيل: ومَن الغرباء، يا رسول الله؟ قال: «الذين يُصلحون ما أفسد الناس بعدي من سُنَّتي»(3). فليس الغرباء قومًا سلبيِّين، وإنما هم مصلحون مُجدِّدون عاملون إيجابِيُّون.