واعتمدوا كذلك على أحاديث، مثل حديث: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء»(1). مع أنَّ في بعض الأحاديث: قيل: ومَن الغرباء، يا رسول الله؟ قال: «الذين يُصلحون ما أفسد الناس بعدي من سُنَّتي»(2). فليس الغرباء قومًا سلبيِّين، وإنما هم مصلحون مُجدِّدون عاملون إيجابِيُّون.
واعتمدوا كذلك على مثل حديث أنس، في صحيح البخاري: «لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شرٌّ منه»(3). مع أنَّ الحافظ ابن حجر 5 ، في شرحه للبخاري في فتح الباري قال: «ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة بناء على أنهم هم المخاطبون بذلك فيختصُّ بهم، فأما من بعدهم فلم يقصد في الخبر المذكور، لكن الصحابي فهم التعميم»(4).
وإلا لتناقض هذا الحديث مع الواقع التاريخي، فقد جاء زمن مثل زمن عمر بن عبد العزيز، وكان خيرًا من الأزمنة التي قبله، وأيضًا جاءت الأحاديث بأنَّ الإسلام سيكون له شأن في آخر الزمان، هكذا جاءت الأحاديث.
فلا ينبغي إذن أن تُؤخذ هذه الأحاديث التي يتعجَّل بعض الناس في فَهمها، ويسيئون فَهمها، وينتهون منها إلى أنَّه لم يَعُد هناك سبيل إلى إصلاح، هل يُعقل أن يأتي محمد ﷺ بدين يدعو الناس فيه للدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإصلاح الفساد، ثم يقول للناس أحاديث تُثَبِّط هممهم، وتُضْعف عزائمهم عن عمل الخير وخير العمل؟!