وهي أُمَّة واحدة ليست أممًا، فمن الخطأ أن نقول: الأمم الإسلامية. كما يقول كثير من الناس، ولكنها شُعوب إسلامية لأُمَّة إسلامية واحدة، أُمَّة ذات شُعوب، فالتجديد لها، التجديد الكامل يكون على مستوى الأُمَّة، ولكن هناك تجديد جزئي، قد يكون التجديد لقُطْر دون قُطْر، في بيئة دون بيئة، في فئة دون فئة، في جانب من الحياة دون جانب، كلُّ هذا يمكن أن يشمله التجديد.
أمَّا التجديد المطلق، التجديد الكامل، فهو الذي يُجدِّد هذه الأُمَّة كلَّها، كما كان فعل عمر بن عبد العزيز، فقد كان تجديده للأُمَّة كلِّها، حيث كان خليفة المسلمين عامة.
ماذا يُجدِّد؟
عرفنا المُجدِّد، والمُجدَّد له، فماذا يُجدِّد؟ أو ما الذي يُراد تجديده؟ إنَّ الذي يُجدَّد هو الدين، فالحديث يقول: «يُجدِّد لها دينها». فالتجديد للدين، لأنَّ الدين هو رُوح الأُمَّة، إذا تجدد دين الأُمَّة تجددت الأُمَّة كلُّها، وبخاصة الأُمَّة الإسلامية. الدين للأُمَّة الإسلامية ليس شيئًا ثانويًّا، ولا على هامش حياتها، إنَّه رُوح وجودها، وسرُّ بقائها، فإذا تجدَّد دينها، تجدَّدت الأُمَّة كلُّها، والفترات التي رأينا فيها المدَّ والانتصار، هي الفترات التي قوِي فيها الدين، وقوِي فيها الإسلام، وقد جرَّبنا أن هذه الأُمَّة مِفتاح شخصيتها في دينها، كما أنَّ للسيارة مِفتاحًا بلمسة منه يستطيع الإنسان أن يُحركها، ويدفعها إلى الأمام، فكذلك الشخصية الإنسانية لها مِفتاح، مِفتاح الشخصية الإسلامية هو الدين، هو الإيمان.
هذه الأُمَّة تستطيع أن تفعل العجائب:
تستطيع أن تفعل بهذه الأُمَّة العجائب، وتقتحم بها العقبات، وتخوض بها اللُّجج، وتصنع بها المستحيلات، إذا حرَّكتَها باسم الله، بالإيمان والدين، بأحلام الجنة، إذا قال لها قائل: الله أكبر، أو يا رياح الجنة هبِّي، أو يا خيل الله اركبي، ويا كتائب الله سيري. إذا قيل لها ذلك انطلقتْ وراءه بالملايين، ولكن بأيِّ شيءٍ آخر لم ولن تتحرَّك الأُمَّة.