ثم إنَّ الإسلام جعل إنكارها كفرًا، فلو أنَّ إنسانًا أنكر فرضيَّة الزكاة، وركنيتها في الإسلام؛ لكان كافرًا، لأنَّه أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، ممَّا يعرفه الخاص والعام، ولا يحتاج إلى إثبات دليل، وإقامة حجَّة، هذا هو مقام الزكاة.
أ ـ عقوبة أخرويَّة:
ومن هنا جاء الإسلام فجعل هناك عقوبات لمانع الزكاة، عقوبات أخرويَّة، كما في قوله تعالى: ﴿ ۞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَـٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۗ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ 34 يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ 35 ﴾ . وفي حديث البخاري يقول النَّبيُّ ﷺ : «مَنْ آتاه الله مالًا فلم يؤدِّ زكاتَه، مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع، يأخذ بلِهْزِمَتَيْه ـ يعني بشدقيه ـ ويقول: أنا مالُك، أنا كنزُك». ثمَّ تلا: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِۦ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (1). هذه عقوبة أخرويَّة.
ب ـ عقوبة قدريَّة:
وهناك عقوبة دنيويَّة قدريَّة على منع الزكاة، يتولَّاها القدر، كما جاء في الحديث: «ما منع قومٌ الزكاة إلَّا مُنِعوا القَطْرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطروا»(2). هذه عقوبات كونية قدرية.