وإنَّها لفرصة طيِّبة أنْ ألتقي بأبناء هذا البلد الطيِّب العربي المسلم، وبأبناء هذه الكُلِّيَّة الَّتي قامت للدعوة إلى الله 8 ، وجمعت بين أبناء المسلمين من بقاعٍ شتّى كجامعة إسلاميَّة وهيئة أمم أو شعوب إسلاميَّة، في هذه القاعة، الَّتي أُتيح لي أنْ أُخاطبها، وهي ثمرة طيِّبة من ثمرات ـ جمعيَّة الدعوة الإسلاميَّة العالميَّة ـ الَّتي أنشئت في هذا البلد الكريم لتقوم بواجب قصَّرت فيه الأُمَّة الإسلاميّة، واجب الدَّعوة الإسلاميَّة إلى العالم، ودعوة العالم إلى الإسلام، وكانت هذه الكليَّة من ثمرات هذه الجمعيَّة الَّتي أسأل الله 4 أنْ يبارك في جهودها وأنْ يُسدِّد خطاها.
وقد سعدنا بلقاء أمينها العامِّ الأخ الدكتور محمد أحمد الشريف والعاملين معه في هذا النطاق الطيِّب المثمر والمبارك إنْ شاء الله، وأسأل الله 8 أنْ يكون يوم الجمعيَّة خيرًا من أمسها، ويكون غدها خيرًا من يومها.
أيُّها الإخوة الأحبَّة، حديثي إليكم عن منهج الدعوة إلى الله كما رسمه القرآن الكريم، وقد اخترت هذا العنوان لأمرين:
الأمر الأوَّل: أهمِّيَّة الدعوة إلى الله 8 ، فهي وظيفة النَّبيِّين ومهنة المرسلين ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ .
والأمر الثاني: أنَّني الآن في كلِّيَّة الدَّعوة، ومن حقِّ الداعية أنْ يراعي المناسبة، فلكلِّ مقامٍ مقال، والبلاغة كما عرَّفها علماء العربيَّة: «مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال»، ولهذا كان مقتضى الحال أن نتحدَّث عن الدعوة ما دُمنا في إطار كُلِّيَّة الدعوة.
فما هو المنهج الَّذي رسمه القرآن الكريم للدعوة؟
الحقيقة أيُّها الإخوة أنَّ الحقَّ تبارك وتعالى رسم هذا المنهج في آية واحدة من آيات كتابه من القرآن المَكِّيِّ، وهذا من إعجاز هذا القرآن العظيم، أنَّه يجمع المعاني الكبيرة والكثيرة في كلمات قليلة ﴿ كِتَـٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ . وهذه الآية هي الَّتي يقول تبارك وتعالى فيها في سورة النحل: ﴿ ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾ .