على كلِّ حال يرفض الإسلام الرهبانية، ويرفض أيضًا الجانب المقابل للرهبانية: جانب الإباحية، وإطلاق العِنان للغرائز والشهوات، فلا يجيز حبس الغريزة وكبتها عن طريق الرهبانية، ولا يجيز إطلاق العنان للغرائز؛ كالحيوان الذي لا يضبطه ضابط، ولا يربطه رابط. وإنَّما يجيز للإنسان أن يُصرِّف طاقته الغريزية في هذا التصرف المشروع بالزواج، فبالزواج تتكوَّن الأسرة وتَتَّسع دائرة العشيرة وتتناسل الأُمَّة وتتكاثر، ﴿ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾ . فلا بدَّ من تكوين الأسرة في الإسلام.
مفهوم الأسرة في الإسلام:
والأسرة في الإسلام هي الأسرة الموسَّعة، الأسرة الممتدة، نحن الآن نُغزى غزوًا فكريًّا غربيًّا لتضييق دائرة الأسرة! فالأسرة الإسلامية أسرة واسعة، تشمل الزوج والزوجة، والأبناء والبنات، والأحفاد والحفيدات، والأب والأم، والأجداد والجدات، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، كل هؤلاء يدخلون في الأسرة، تجمعهم العصبة أو يجمعهم الرحم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَأُوْلُوا ٱلْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ ﴾ .
أحكام تتعلَّق بالأسرة:
ولهذا يُرتب الإسلام على هذا مجموعة من الأحكام، فهناك أحكام النفقات، إذا عجز الإنسان أن ينفق على نفسه؛ فعلى أقاربه بالترتيب الأقرب، فالأقرب أن ينفقوا عليه، إذا كان هو معسرًا وهم موسرون، تختلف المذاهب في هذا، ولكن الأصل متَّفق عليه.
وهناك أحكام الميراث، لا يرث فقط الابن أباه، أو البنت أمها، لا، يرث أيضًا الأب من ابنه، فالأصول ترث من الفروع، والفروع أيضًا ترث من الأصول، الابن وابن الابن وإن نزل، ويرث الأخ من أخيه بشروط معينة، وابن الأخ، والعم وابن العم، هذه العصبات أيضًا لها تأثيرها، فبأحكام النفقات وبأحكام الإرث تظل الروابط متصلة.