فالحديث عن الصحوة الإسلامية حديث الساعة، حديث الحاضر، وحديث المستقبل أيضًا، ولا بدَّ لأهل العلم والفكر أنْ يتحدثوا عن هذه الصحوة ليبينوا حقيقتها، ويكشفوا عن خصائصها، ويجنبوها الزلل، ويرَشِّدوا خُطاها، حتى تؤتي أكلها وتؤدي رسالتها، فلا بدَّ لهذه الصحوة إنْ شاء الله أن يكون لها في واقع المسلمين دور أي دور، ومهمة أي مهمة: أن تعود بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح، لا بدَّ أن تعمل هذه الصحوة على أن يُحكم المسلمون بالإسلام، وعلى أن يصبح الإسلام واقعًا حيًّا في حياة المسلمين، ويزول التناقض القائم بين العقيدة والسلوك، بين الفكرة والواقع، بين ما يؤمن به المسلم في أعماق ضميره وما يجده في الحياة مخالفًا لذلك، لا بدَّ أن نعمل على أن تؤدي هذه الصحوة ثمراتها، وهذا واجبنا جميعًا كلٌّ في حدود إمكانه وطاقاته، ﴿ وَقُلِ ٱعْمَلُوا فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ .
لا بدَّ أن نتحدث عن الصحوة الإسلامية؛ ما هي؟ وما مظاهرها؟ وما مميزاتها؟ وما الأخطار عليها؟
الصحوة وغفلة المسلمين:
هل هناك صحوة إسلامية؟ لا شكَّ أنَّ الإجابة هنا بالإيجاب، هناك صحوة إسلامية، فما معنى صحوة؟ الصحوة من صحا يصحو؛ إذا أفاق بعد سُكْر، أو استيقظ بعد نوم.
ولا شك أنَّ المسلمين قد مرت عليهم فترات من الزمن غابوا فيها عن الحياة، وعن المشاركة العالمية الواجبة عليهم ولهم، ناموا نومًا عميقًا: نومة أهل الكهف؛ حتى دخل عليهم العدو من كلِّ جانب، واحتُلت ديار الإسلام، وطُرد الإسلام من ميادين شتى: ميدان التشريع والتقنين، وميدان التوجيه، وميدان السياسة الداخلية والخارجية؛ بل من ميدان التعليم والتربية، ميادين كثيرة طُرد منها الإسلام، في فترة من الفترات كان المسلمون في مرحلة الهزيمة، ولم تكن هزيمة نفسية فقط، ولا سياسية فقط، ولا فكرية فقط، ولا عسكرية فقط؛ بل كانت كل ذلك.