التجديد في أمور الدنيا:
وإذا قلنا أيُّها الإخوة: إنَّ الدين يقبل التجديد. فهذا يفرض علينا أن نقول: إنَّ التجديد في أمور الدنيا، أو في أمور الحياة هو أمرٌ مطلوبٌ ولا شك. لأنَّ الدين الَّذي من شأنه الثبات في الغالب يقبل التَّجديد، فما بالكم بأمور الدنيا؟
هنا نقول: إنَّ التَّجديد مطلوب، والإسلام بدعوته إلى إعمال الفكر، ودعوته إلى الاجتهاد، ودعوته إلى إدخال عنصر الزمان والمكان والحال في الفتوى، كل هذا يجعل التجديد أمرًا مطلوبًا.
لا يوجد دين دعا إلى إعمال العقل والفكر كما دعا الإسلام، بعض الأديان الأخرى تقول: اعتقد وأنت أعمى، أو أغمض عينيك ثم اتبعني، أو أنَّ الجهالة أم التقوى. لكن الدين عندنا نحن المسلمين علم، والعلم عندنا دين، منذ نزلت أول آية في القرآن: ﴿ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ ﴾ . والقراءة هي مفتاح العلم، لا يوجد كتاب غير القرآن يقول: ﴿ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ ، ﴿ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، ﴿ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ ، ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ﴾ . لا يوجد مثل هذا في أي دين غير الإسلام.
العقل أساس النقل:
وقد قرَّر علماؤنا: أنَّ العقل أساس النقل، لولا العقل ما ثبت النقل(1). لأنَّنا بماذا نُثبت الوحي؟ بماذا نُثبت رسالة محمد ﷺ ، وصحة نبوته؟ لو سألك سائل: ما الدليل على صدق محمد ﷺ ؟ وقلت له: قال الله، وقال الرسول. لكان هذا دورًا؛ إذن لا بدَّ أنْ تُثبت هذا بالعقل، فالنبوَّات لا تثبت إلا بالعقل؛ لأنَّها تثبت بالمعجزة، ودلالة المعجزة ـ كما يقول علماؤنا ـ هي دلالة عقليَّة، وإثبات النبوة لشخص معين يكون بدلالة العقل.