ولقد شاركتُ في هذا المؤتمر ببحثَيْن: أحدهما: حول الزواج المُسْتَقِرِّ، والثاني: حول تكامليَّة الأمومة والأبوَّة في بناء الأسرة.
وهما اللذان أنشرهما اليوم في هذه الرسالة.
وأودُّ أن أذكر هنا كلمة قلتُها للمشاركين في مؤتمر الدوحة، وهي أنَّنا نحن ـ أصحابَ الأديان السماويَّة ـ متَّفقون في الأصول الكليَّة، والأسس الكبرى، الَّتي يقوم عليها بناء الأسرة الطبيعيَّة، بما فيها من زوجَيْن وأولاد.
وهذه هي الأسرة النوويَّة، أو الأسرة الصغيرة، أو الضيِّقة، ولكنَّنا نؤمن بالأسرة الممتدَّة أو الموسَّعة، الَّتي تشمل الآباء والأُمَّهات، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات، وأولادهم، وهم الذين يُسمِّيهم القرآن: «أولي القربى»، أو «ذوي الأرحام»، ورتَّب لهم من الحقوق، وجعل عليهم من الواجبات، ما يجعلهم في دائرة واحدة، تربطها شبكة من الأحكام، مثل: أحكام «نظام المواريث»، و«نظام النفقات»، و«نظام العاقلة» في دفع دِيَات القتل الخطأ وشبه العمد، إلخ.
وقد قال تعالى: ﴿ وَأُوْلُوا ٱلْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ ﴾ .
كما أنَّ للإسلام في شأن الأسرة أحكامًا يتميَّز بها، مثل: قوامِيَّة الرجل على المرأة، واختلاف ميراث الرجل عن المرأة، وشرعيَّة تعدُّد الزوجات بقيده وشرطه، وشرعيَّة الطلاق عند تعذُّر الوفاق وغيرها، فلا يجوز أنْ يُفرض على المسلمين أحكامٌ تُناقض ما شرعه لهم دينهم، بل يجب احترام خصائص كلِّ دِين، وأحكام كلِّ شريعة سماويَّة، متعاملين وفق القاعدة الذَّهَبِيَّة: نتعاون فيما اتَّفقنا عليه، ونتسامح فيما اختلفنا فيه.