ولهذا جاء في سفر التكوين من أسفار التوراة: «أنَّ الرجل يترك أباه وأمَّه، ويلتصق بزوجته، فيصير الاثنان جسدًا واحدًا»(1).
وأكَّد ذلك المسيح 0 لتلاميذه أيضًا(2).
الزواج المستقر:
الأسرة الصالحة هي الَّتي تقوم على «الزواج المستقر»، الَّذي يُثمر التآلف والمودَّة، وهو هدف من أهداف الحياة الإسلاميَّة الطيِّبة، وهو عنصُر أساسي لاستقرار حياة الأفراد والأسر والجماعات.
ولهذا حرص الإسلام عليه، ووضع له من الأسس الفكريَّة والأخلاقيَّة والتشريعية ما يكفل إقامة بنائه، واستمرار عطائه، وحراسته من عوامل التَّفكُّك والانهيار.
وأول ما يصنعه الإسلام هنا: أن يعرف المسلم حقيقة الزواج الَّذي شرعه الإسلام وأهدافه الكبرى، حتَّى يُقدِم عليه على بصيرة من أمره، ولا يتصوَّره تصوُّرًا مغلوطًا، فيترتَّب على هذا التصوُّر سلوكيات مغلوطة أيضًا.
يجب أنْ يعي المسلم الَّذي يريد الزواج: أنَّه ليس مجرد ارتباط جسد بجسد، بل ارتباط إنسان بإنسان، والإنسان عقل وضمير ووجدان ورُوح، أكثر من كونه جسدًا ماديًّا يتكون من الأجهزة والخلايا والأعصاب.
وليس معنى هذا: أنَّ المتعة الجسدية وإشباع الغريزة بمعزل عن أهداف الزواج الشرعي، كلَّا، بل هي هدف أساسي من الأهداف، لحاجة كلا الزوجين جنسيًّا إلى الآخر، بحكم الفطرة، وليستمتعا معًا بالحلال الطيب: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾ ، وليتدرَّب الإنسان المؤمن على صرف شهوته فيما يحل له، ويحصِّن نفسه ممَّا يحرم عليه، وبذلك تنضبط الغرائز، ويُكبَح جماح الشهوات، وفي هذا خاطب نبي الإسلام الشباب، فقال: «يا معشرَ الشباب، من استطاع منكم الباءةَ ـ القدرة على الزواج وأعبائه ـ فليتزوجْ، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج»(3).