والصِّنْف الثاني: من المادِّيِّين المُلْحِدين الَّذين يخاصمون الأديان جميعًا ويختصُّون الإسلام بمزيدٍ من العداوة والنقمة؛ لأنَّهم يعلمون أنَّه الدِّين الفذُّ الَّذي يحمل نظامًا كاملًا للحياة، يزاوج بين الرُّوح والمادَّة، والفرد والمجتمع، والدُّنْيا والآخرة، وأنَّه الدِّين القادر على إمداد أتباعه بكلِّ المُقَوِّمات والطاقات المعنويَّة والرُّوحيَّة، الَّتي تضمن القوَّة والغلبة في معركة الحياة.
وليس لهؤلاء وأولئك سلاحٌ إلَّا تصيُّد الشبهات الواهية، وتلفيق الأكاذيب والافتراء على الله، وعلى النَّاس، وعلى الحقِّ والتاريخ.
رأينا من هذه الملفَّقات ما نشره شيوعيُّو العراق، ممَّا عُرِفَ باسم «الكراسة الرماديَّة». وقد انتظرنا حتَّى ترجم إلينا نصُّها الكامل من الإنجليزيَّة إلى العربيَّة، وقرأناها كلمة كلمة، فلم نجد فيها إلَّا الافتراء والتضليل، اللذَيْن لا يروجان عند البسطاء، فضلًا عن المُثَقَّفين والعقلاء.
زعم هؤلاء ـ حسَب تفسيرهم للتاريخ ـ أنَّ ظهور الإسلام كان نتيجة للعوامل الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الَّتي كانت تسود الجزيرة العربيَّة قبل الإسلام، وأنَّ الوثنيَّة كانت في طريقها إلى الفناء، وأنَّ التحنُّف ـ الميل إلى التوحيد ـ كان ظاهرة منتشرة. ومُحَمَّد إذنْ ليس رسولًا من الله، والقرآن ليس وحيَ الله؛ لأنَّ «الله» هذا غير موجود في نظرهم.
شكَّك هؤلاء في تواتر القرآن، وادَّعَوْا أَّن عدَّة «قرآنات» أخرى أُلِّفت لمعارضته، وزعموا أنَّ هذا القرآن يُعَارض العلم والتقدُّم، ويخبر بأمورٍ لم تتحقَّق إلى الآن، كقيام الساعة في وقت قريب، واستغلُّوا ما قاله علماء المسلمين من وجود «مُتَشابِهات» في القرآن للتشكيك في بيانه ووضوحه.
وردد هؤلاء ما يقوله بعض المستشرقين عن «الحديث النبوي» وقيمته العلميَّة والتاريخيَّة، وتحرِّي علماء الإسلام في قبوله.