ولا جدال في أن للإسلام غاياتٍ وأهدافًا أخرى إنسانية واجتماعية، ولكن عند التأمل، نجد هذه الأهداف في الحقيقة خادمة للهدف الأكبر، وهو مرضاة الله تعالى، وحسن مثوبته. هذا هو هدف الأهداف، أو غاية الغايات.
في الإسلام تشريع ومعاملات، ولكن المقصود منها هو: تنظيم حياة الناس حتى يستريحوا ويبرؤوا من الصراع على المتاع الأدنى، ويفرغوا لمعرفة الله تعالى، وعبادته، والسعي في مراضيه.
وفي الإسلام جهاد وقتال للأعداء، ولكن الغاية هي: ﴿ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ ﴾ .
وفي الإسلام حثٌّ على المشي في مناكب الأرض والأكل من طيِّباتها، ولكن الغاية هي القيام بشكر نعمة الله وأداء حقِّه: ﴿ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُوا لَهُۥ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ .
وكلُّ ما في الإسلام من تشريع وتوجيه وإرشاد، إنما يقصد إلى إعداد الإنسان ليكون عبدًا خالصًا لله، لا لأحد سواه. ولهذا كان رُوح الإسلام وجوهره هو التوحيد.
ومعنى التوحيد: أن يعلم الإنسان أنه لا إله إلا الله، وأن يُفرده تعالى بالعبادة والاستعانة، فلا يشرك به أحدًا، ولا يشرك معه شيئًا. وهذا معنى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ، التي يردِّدها المسلم في صلواته كلَّ يوم ما لا يقل عن سبع عشرة مرة، كلما قرأ فاتحة الكتاب في ركعة من ركعات الصلاة.
ولقد خاطب الله تعالى رسوله محمدًا ﷺ ، بهذه الحقيقة، وأمره أن يعلنها ويبلغها للناس، فقال: ﴿ قُلْ إِنَّنِى هَدَىٰنِى رَبِّىٓ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ 161 قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ 162 لَا شَرِيكَ لَهُۥ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ 163 قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَىْءٍ 164 ﴾ .