هذا ما يقوله المؤمنون بالدار الآخرة، وأن في الآخرة الجنة والنار، دار الخلود الأبدي، دار الثواب لأهل الدين والخير والصلاح، أو دار العقاب لأهل الكفر والسوء والفساد، ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۥ 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُۥ 8 ﴾ . وعلى كل ذي دين، وعلى المسلمين خاصة أن يبلِّغوا مضمون ذلك إلى الأمم الأخرى، والملل الأخرى، وإلى من لا ملة لهم.
وإن كان المسلمون مخاطبين بهذا الكتاب من ناحية: أن عليهم أن يتعلَّموا أن من واجباتهم الأولية التي فرضها عليهم دينهم، وألزمهم بها كتاب ربهم، وسنة نبيهم: أن يدعوا غير المسلمين إلى الإسلام ـ والإسلام هو الدين الذي بُعِثَ به كل الرسل، وأنـزلت به كل الكتب ـ وأن يتلوا قول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَـٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓا إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ وَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ .
كل المسلمين مطالبون بذلك، وأهل العلم الشرعي، وأصحاب الدعوة الإسلامية منهم خاصة: مطالبون مطالبة أساسية بدعوة من لا دين لهم، ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام.
نحن ـ المسلمين ـ جميعًا نعلم: أن ديننا منذ بُعِث به نبينا محمد ﷺ بمكة المكرمة دينٌ عالمي، لم يكن يومًا دينًا قوميًّا أو محليًّا، بل هو دين عالمي، أعلن ذلك الرسول الذي أنـزل الله عليه كتابه الخالد «القرآن الكريم»، وعلَّمه في هذا القرآن أنه مبعوث إلى الناس كافة، عربِهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم وأصفرهم، شرقيِّهم وغربيهم، شماليهم وجنوبيهم، وهو ما نطق به القرآن العظيم في سوره المكية، أي التي تلاها الرسول بمكة، قبل أن يهاجر إلى المدينة، وقرأها وبلَّغها للناس، وعرف الخاص والعام أنها من القرآن المكي.
قال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِۦ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيرًا ﴾ .