ولم يكن ذلك منَّا موقفًا بعيدًا عن الدين، أو خارجًا على تعاليمه، مداهنة في ديننا، أو مجاملة لغيرنا. بل هو نصُّ ما أَمَرَ به دِينُنا في منهج الدعوة إلى الإسلام، وهو الَّذي بيَّنته الآية الكريمة بكلماتها البليغة المُوجَزة من سورة النحل: ﴿ ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ .
فالدَّعوة بالحكمة والموعظة الحسنة تكون عادةً مع الموافقين. والجدال ـ «أو الحوار» ـ بالَّتي هي أحسن، تكون عادةً مع المُخَالِفين.
وقد ذهب وفدٌ من رابطة العالم الإسلامي بمكَّة المُكَرَّمة، على رأسه الأمين العام للرابطة الشيخ مُحَمَّد علي الحركان، للقاء الكرادلة والأساقفة في الفاتيكان، وكان في وفد الرابطة عالمان معروفان، هما: الدكتور معروف الدَّوَاليبي، والدكتور مُحَمَّد المبارك، وغيرهما.
وصدرت الحوارات والموضوعات الَّتي تناولها المتحاورون في كتاب.
وصارت حوارات في ليبيا، وحوارات في مصر، وحوارات في غيرهما من البلدان العربيَّة والإسلاميَّة والأوربيَّة.
وشاركتُ في حوار مع أحبار الكنيسة فيما سُمِّيَ القمَّة الإسلاميَّة المَسِيحيَّة الأولى في روما في أكتوبر 2001م، وفي القمة الثانية في برشلونة 2003م.
وقلنا: يجب أن ننسى سواد الماضي وظلامه وظلمه، ونعيش على حاضر جديد، ونتطلَّع إلى مستقبل أفضل، يسود فيه التفاهم والتسامح، بل التعاون بين الأديان الكتابيَّة بعضها وبعض.