إن المعركة اليوم ليست مع الأشاعرة ولا الماتريدية ولا المعتزلة ولا الجهمية، إن معركتنا الكبرى مع الملاحدة الذين لا يؤمنون بإله ولا نبوّة ولا كتاب.
ليست معركتنا مع الذين يقولون عن الله تعالى: ليس له مكان؛ بل مع الذين يقولون: ليس له وجود، وعلينا أن نخلقه، كما قال أحدهم!!
ليست معركتنا مع الذين يُؤوِّلُون صفات الله تعالى، بل مع الذين يجحدون الله بالكلية.
وأي تحويل للمعركة عن هذا الخط، يعتبر توهينًا للصف، وفرارًا من الزحف، وإعانة للعدو.
ومن هنا وجدت: أن إقامة الأدلة على وجود الخالق جلَّ جلاله جزء من معركتنا مع الإلحاد، لتسليح الشباب المؤمن، وتثبيت الشباب القلق، وإلزام الفئة المعاندة.
إنَّ إثبات عقائد الإسلام الكبرى لا يتم ولا يستقيم إلا إذا قام الأساس الأول للعقيدة، وهو الإيمان بوجود الله؛ فإذا نَفَقت سوقُ الشبهات، وانتشرت سموم الشكوك، وجَب أن نقاومها بسلاحها نفسه، مخاطبين العقل والفطرة معًا، وأن نُسَلِّح الفئة المؤمنة الواعية لترد على الجاحدين، وتنقذ المتحيِّرين، وتقتلع بذور الشك من قلوب الشاكِّين.
والإيمان بالله، يتضمَّن الإيمان بوجوده بالضرورة، والإيمان بوحدانيته في ربُوبيته وألوهيته، والإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، التي يتجلَّى فيها اتصافه بكل كمال يليق به، وتنزُّهه عن كل نقص.
وكذلك يركز الإسلام غاية التركيز على عقيدة أخرى، ضلَّ الناس في شأنها ضلالًا بعيدًا، وتلك هي عقيدة التوحيد التي هي لبُّ عقائد الإسلام، ورُوح الوجود الإسلاميِّ: الإيمان بإله واحد فوق هذا الكون، له الخلْق والأمر، وإليه المصير، هو ربُّ كل شيء، ومدبِّر كل أمر، هو وحده الجدير أن يُعبد ولا يُجحد، وأن يُشكر ولا يُكفر، وأن يُطاع ولا يُعصى.