فالإلحاد وإنكار الألوهية قليل، بل نادر، بل شاذٌّ، على مدار التاريخ، والملحدون الجاحدون قلة لا يقام لهم وزن، تمثِّل الشذوذ الذي يثبت القاعدة. أما «التأليه» أعني: الاعتقاد بقوة غيبية عليا تُرجى وتخشى، ويتوجَّه إليها بالدعاء والابتهال، فهو أمر مشترك بين الأمم كافَّةً، متحضِّرها وباديها، أبيضها وأسودها، وهذا ما أثبته الكثيرون من المهتمين بدراسة الدين وتاريخه.
قال أحد المؤرخين: لقد وُجِدَتْ في التاريخ مدنٌ بلا حصونٍ، ووُجدت مدنٌ بلا مدارس، ووُجدت مدنٌ بلا قصور، ولكن لم توجد أبدًا مدنٌ بلا معابد(1)!
كانت المعابد موجودة في المدن دائمًا، في كل عصر، وفي كل قُطر، ولكنَّ المهم: من المعبودُ فيها؟
إن الذي سقط فيه البشر من قديم هو الشرك، وهو الآفة الكبرى، وإن أولَ ما يحتاج إليه البشر هو التوحيد، وبهذا بعث الله رسله، وأنزل كتبه.
توحيد الربوبية (الخالقية) وتوحيد الإلهية (العبادة):
والتوحيد نوعان:
توحيد الربوبية وأنا أوثر أن أسمِّيه «توحيد الخالقية»، بمعنى: اعتقاد أن الخالق واحد لا شريك له، في خلق السماوات والأرض، أو خلق الناس، فهو الخالق الرازق المُنعِم المدبِّر للأمر كله.