الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمد، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الغُر الميامين، وعلى مَن اتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
مسألة التكفير من المسائل العقديَّة، التي زلَّت فيها أقدام، وضلَّت فيها أفهام، وتعدَّدت لأجلها الطوائف منذ أيام الإسلام الأولى.
وقد شغلتني قضيةُ التكفير منذ سنينَ طويلة، عندما حضر إليَّ بعض الإخوة الذين خرجوا من المعتقلات والسجون بعد محنة الإخوان المسلمين الثالثة في عهد الثورة، وحدثوني عن دعاة الغُلُوِّ في التكفير؛ هذه الظاهرة الجديدة التي كانت الشغل الشاغل للمعتقلين والسجناء والسلطة الحاكمة آنذاك.
وبدأت ظاهرة «التكفير» أو الغلوُّ فيه في المعتقلات، والتفَّت طائفة جُلُّهم من الشباب الحديث السن، الحديث العهد بالدعوة، حول هذا الفكر المتطرف، إلى حدٍّ جعلهم يرفضون الصلاة مع إخوانهم في العقيدة والفكرة، وشركائهم في الاضطهاد والمحنة، وأساتذتهم في الدعوة والحركة.
مـقـدمــة