الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، وهادي البشرية إلى الرشد، وقائد الخلق إلى الحق، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين وختم برسالته رسالات الأنبياء، وبشريعته شرائعهم، وأكمل له الدين، وأتم به عليه النعمة: سيدنا وإمامنا، وأسوتنا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، وسار على دربه إلى يوم الدين.
(أما بعد)
فإن الإسلام، إذا أردنا تلخيصه في كلمتين اثنتين، قلنا: هو عقيدة وسلوك، أو إيمان وعمل.
والعلم المتكفل ببيان العقيدة وتعاليمها وشرحها هو: «علم التوحيد».
والعلم المتكفل ببيان العمل ومعرفة ما له من حكم شرعي هو: «علم الفقه».
وهناك علم اختص بالأعمال الباطنة، أي ما يتعلق بأعمال القلوب، محبوبة كانت أو مبغوضة، وهو «علم التصوف»، أو «السلوك».
ومن أئمتنا من وضع هذه العلوم كلها جنبًا إلى جنب في نسق واحد، كما فعل ذلك الإمام أبو حامد الغزالي (ت: 505هـ ) في كتابه الشهير «إحياء علوم الدين»، الذي استوعب كل ما يهم المسلم معرفته من قواعد العقائد التي يهتم بها علم الكلام أو التوحيد، ومن الأعمال الظاهرة ـ عبادات ومعاملات ـ التي يهتم بها علم الفقه، ومن الأعمال القلبية الباطنة ـ مهلكات ومنجيات ـ التي يهتم بها علم التصوف، والتي هي لب الكتاب وجوهره.
مـقـدمــة