وعلى ضوء هذا التحديد نتحدث هنا عن «تيسير الفقه» أو «الفقه الميسر المعاصر»، تمهيدًا للكتابة في أبواب هذا الفقه من عبادات ومعاملات وآداب، وأحكام تتعلق بالأسرة، وبالمجتمع وبالدولة وبالعلاقات الدولية، وغيرها، مما يدخل في نطاق الفقه، الذي يستوعب الحياة كلها فردية واجتماعية، ولا يدع فعلًا من أفعال المكلفين إلا وأصدر فيه حكمًا من الأحكام الشرعية الخمسة المعروفة، وهي: الوجوب، والاستحباب، والحرمة، والكراهة، والإباحة.
هذا، وقد أصدرتُ منذ سنوات كتابًا في هذا الجانب أو هذه السلسلة «تيسير الفقه في ضوء القرآن والسنة»، هو كتاب «فقه الصيام». ولكن ترتيبه في هذه السلسلة ليس الأول، إنما استجبنا لاقتراح بعض الإخوة: أن ننشر ما ينجز، بغض النظر عن الترتيب. ويمكن اعتبار كتاب «الحلال والحرام» جزءًا من هذه السلسلة أيضًا.
والآن نصدر هذا الكتاب الذي يعد فاتحة لهذه السلسلة، ويتضمن ما يلي:
ـ تمهيد عن شرعية التيسير، ولماذا نتبنّاه، وما المقصود به في مجال الفهم، وفي مجال العمل والتطبيق؟
ـ بيان بالمعالم الأساسية لمنهجنا الفقهي.
ثم نتحدث عن فقه العلم، الذي آثرنا أن نبدأ به سلسلة الفقه، فبه يتبين لنا الحق من الباطل في المعتقدات، والمسنون من المبتدع في العبادات، والصحيح من الفاسد في المعاملات، والحلال من الحرام في التصرفات، والصواب من الخطأ في الأفكار، والمحمود من المذموم في المواقف والأفراد والجماعات. ولهذا كان طلب العلم مقدمًا على طلب العمل.
وبهذا تتعانق هذه السلسلة في فقه الأعمال الظاهرة، والسلسلة الأخرى في فقه الأعمال الباطنة «تيسير فقه السلوك في ضوء القرآن والسنة: في الطريق إلى الله»، وقد صدر منها ثلاثة أجزاء(1).