واجتهدتُ أن «أقلل التكاليف» على الناس ما وجدتُ إلى ذلك سبيلًا، فهكذا رأينا النبي ﷺ حريصًا على ذلك، اتباعا لهداية القرآن ﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَسْـَٔلُوا عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ . وقد بنى العلامة رشيد رضا كتابه «يسر الإسلام» على أساس من هذه الآية الكريمة.
وقال ! : «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة أسئلتهم، واختلافهم على أنبيائهم»(1).
وقال: «إن أعظم المسلمين جرمًا: مَن سأل عن أمر لم يُحرَّم، فحُرِّم من أجل مسألته»(2).
وتوخِّيًا للتيسير والتخفيف، وتقليل التكاليف، اقتضاني هذا أن أناقش أقوال المخالفين المشددين، وأفنّد أدلتهم، وأؤيد الرأي الميسر، ولم يكن هذا اعتسافًا مني، ولا تكلفًا وافتعالًا، بل وجدتُ دائمًا الدليل الراجح مع التيسير ورفع الحرج.
ولا غرو، فإن الشريعة بنيت على اليسر لا على العسر، وعلى التخفيف والرحمة، لا على التشديد والنقمة، وقد ختم الله آية الطهارة والوضوء بقوله تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُۥ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ .
وقال تعالى في وصف رسوله ووصف مهمته في كتب أهل الكتاب: ﴿ ٱلنَّبِىَّ ٱلْأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَىٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَـٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ .