وما أقل الحيض وأكثره؟ وأقل الطهر وأكثره؟ وما أقل النفاس وأكثره؟ وماذا تفعل المستحاضة المعتادة؟ إلى آخر هذه الأسئلة الكثيرة.
لقد كان علينا أن ننظر في هذه المسائل المهمة، التي شغلت جماهير المسلمين، وشدَّد في كثير منها بعض العلماء على خلق الله، وكثّروا من التكاليف على الناس، ولهذا توخيتُ أن أيسِّر على الناس ما استطعت، عملًا بالتوجيه النبوي: «يسروا ولا تعسروا»(1)، وقوله في باب الطهارة: «إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين»(2).
كما تبين لي من هذه الدراسة: أن أحكام الشريعة كلها معلَّلة، مربوطة بمقاصدها، عبادات كانت أم معاملات. وإن كان الأصل في العبادات ـ كما قرره الإمام أبو إسحاق الشاطبي ـ هو التعبد والتقيد بالنصوص، كما أن الأصل في المعاملات والعاديات هو النظر في العلل والمقاصد والأسرار(3).
وحسبنا أن الله تبارك وتعالى ختم آية الطهارة بقوله: ﴿ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُۥ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ . وذلك لنعلم أن الجانب التعبدي المحض محدود جدًّا، ومع ذلك هو معلل بسرِّ التكليف والابتلاء، الذي قام عليه الوجود الإنساني المخلوق، ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ ﴾ .