مقدمة الطبعة السادسة عشرة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
عناية الإسلام بالمجتمع الإنساني:
فقد عُنِيَ الإسلام في كتابه وسنته بالمجتمع الإنساني، وعلاج مشكلاته وأدوائه، وذلك لأنه دين إنساني، جاء بتكريم الإنسان، وتحرير الإنسان، ففيه تتعانق المعاني الروحية والمعاني الإنسانية، وتسيران جنبًا إلى جنب.
والإسلام لا يتصوَّر الإنسان فردًا منقطعًا في فلاة، أو منعزلًا في كهف أو دير، بل يتصوَّره دائمًا في مجتمع، يتأثَّر به ويؤثِّر فيه، ويعطيه كما يأخذ منه، ولهذا خاطب الله بالتكاليف الجماعة المؤمنة لا الفرد المؤمن: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 5 ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ 6 ﴾ . لهذا قلنا: إن مقتضى عناية الإسلام بالإنسان العناية بالمجتمع كلِّه، فالإنسان اجتماعي بالفطرة، أو مدني بالطبع، على حدِّ تعبير القدماء.