وفي عصرنا برزت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في العالم كلِّه، وتعدَّدت المذاهب والأنظمة الداعية إلى حلِّها، وقام من أجل ذلك صراع مذهبي رهيب، قسم العالم إلى معسكرين فكريين متقابلين؛ معسكر الرأسمالية ومَن يمشي في رِكابها، ومعسكر الشيوعية ومَن يدور في فلكها؛ على حين يقف المسلمون بين هؤلاء وهؤلاء متفرجين أحيانًا، ومائلين أحيانًا أخرى إلى هذا المعسكر أو ذاك، كأنما ليس لهم نظامهم الفذ، ومذهبهم المتميز الذي جعلهم الله به أمة وسطًا.
ولا بدَّ أن يسهم الباحثون المسلمون ـ بقدر ما آتاهم الله من علم وفكر ـ في توضيح الفكرة الإسلامية، وتحديد الموقف الإسلامي، وخاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، حتى نستغني بما عندنا عن الاستيراد من عند غيرنا، ولا سيما إذا كان ما عندنا أعدل وأكمل وأمثل؛ لأنه صبغة الله: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً ﴾ .
ولعل هذا الكتاب يساهم بنصيب متواضع في هذه السبيل، وعسى أن تتبعه بحوث وبحوث، تجلِّي ما نقصد إليه من بيان تميُّز الإسلام وتفوُّقه على جميع المذاهب الاجتماعية في العالم.
كلمة عن مصادر الاستدلال والمعرفة للزكاة:
لن أتحدث هنا عن منهج البحث في هذا الكتاب وقواعده في الاستنباط والاختيار والترجيح، فقد وضَّحت ذلك في مقدمة الطبعة الأولى، ولكني أزيد هنا كلمة عن مصادر المعرفة والاستدلال التي اعتمدتُ عليها، وموقفي منها.