واستدل العلماء بالحديث على أنه ينبغي لولي الأمر ـ أو رب المال ـ وعظ آخذ الزكاة الذي لا يعرف حقيقة حاله، وتعريفه أنها لا تحل لغني، ولا قادر على الكسب، أسوة برسول الله ﷺ (1). والمراد بالاكتساب: اكتساب قدر الكفاية؛ وإلا كان من أهل الاستحقاق للزكاة، والعجز عن أصل الكسب ليس بشرط(2)، ولا يصح أن يُقال بوقوف الزكاة، على الزمنَى والمرضَى والعجزة فحسب.
والمعتبر ـ كما قال النووي ـ كسب يليق بحاله ومروءته. وأما ما لا يليق به، فهو كالمعدوم(3).
على أن حديث تحريم الزكاة على «ذي المرة السوي» يعمل بإطلاقه بالنسبة للقادر الذي يستمر في البطالة، مع تهيؤ فرص الكسب الملائم لمثله عرفًا.
والخلاصة أن القادر على الكسب الذي يحرم عليه الزكاة، هو الذي تتوافر فيه الشروط الآتية:
1 ـ أن يجد العمل الذي يكتسب منه.
2 ـ أن يكون هذا العمل حلالًا شرعًا، فإن العمل المحظور في الشرع بمنزلة المعدوم.
3 ـ أن يقدر عليه من غير مشقة شديدة فوق المحتمل عادة.
4 ـ أن يكون ملائمًا لمثله، ولائقًا بحاله ومركزه، ومروءته ومنزلته الاجتماعية.
5 ـ أن يكتسب منه قدر ما تتم به كفايته وكفاية من يعولهم.
ومعنى هذا: أن كل قادر على الكسب مطلوب منه شرعًا أن يكفي نفسه بنفسه، وأن المجتمع بعامة ـ وولي الأمر بخاصة ـ مطلوب منه أن يعينه على هذا الأمر، الذي هو حق له وواجب عليه. فمن كان عاجزًا عن الكسب ـ لضعف ذاتي كالصغر والعَتَه، والشيخوخة والعاهة والمرض ـ أو كان قادرًا ولم يجد بابًا حلالًا للكسب يليق بمثله، أو وجد ولكن كان دخله من كسبه لا يكفيه وعائلته، أو يكفيه بعض الكفاية دون تمامها، فقد حلَّ له الأخذ من الزكاة، ولا حرج عليه في دين الله.