وقد تبنيت التيسير بصفة عامة، وفي فقه الحج بصفة خاصة، في عدة قضايا، فأفتيت من قديم بجواز الرمي قبل الزوال، إنقاذًا لأرواح المئات من الناس، كانوا يموتون دعسًا تحت الأقدام.
فلا عجب أن تبنيت التيسير فيما ارتضيته من أقوال الأئمة والفقهاء، وبخاصة ما لم أجد فيه دليلًا بيِّنًا من كتاب الله أو سنة رسول الله.. وإن كنتُ لم أقل قولًا خالفت فيه إجماعًا متيقنًا، وقد التزمت طوال حياتي ألا أقول قولًا أو أفتي برأي إلا ولي فيه سلف من فقهاء الأمة، وهذا حسبي، لكن قد يغيب القول في بطون الكتب، وينسى بتطاول الزمن.
ومن أركان هذا المنهج: بيان الحكمة من التشريع، حتى يقتنع به العقل ويطمئن به القلب، وقد وجدنا أن القرآن الكريم جعل للعبادات المحضة عللًا وحكمًا مفهومة، كما في قوله عن الصلاة: ﴿ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ ﴾ ، وقال في تعليل فرضية الصيام ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ، وقال في الزكاة: ﴿ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾ ، وفي الحج: ﴿ لِّيَشْهَدُوا مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا ٱسْمَ ٱللَّهِ ﴾ .
وقد تحدثنا في كتابنا بما فتح الله به علينا عن «الحكمة من فرض الحج».
ومن دعائم هذا المنهج: التحرر من الالتزام بمذهب واحد معين، يؤخذ به في جميع الأبواب والمسائل، عبادات ومعاملات، وإن كان فيه من التعسير والتطبيق ما فيه، وكذلك إذا ظهر ضعف دليله ومستنده الشرعي في مقابل المذاهب الأخرى.