الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يليق بجلال وجه ربنا وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على صفوة خلقه، وخاتم رسله، سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمد، الذي بعثه الله بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وصحبه، الذين آمنوا به وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون. ورضي الله عمن آمن بدعوتهم، وسار على طريقهم إلى يوم الدين.
(أما بعد)
خلق الله سبحانه الناس ليعرفوه ويعبدوه، قيامًا بحق ربوبيته وألوهيته، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ .
لهذا جعل الإسلام التعبد لله تعالى هو أول ما يطالب به المسلم، وكانت أركان الإسلام ومبانيه العظام، تتمثل في عبادات لله تعالى، هي بعد الشهادتين: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام.
والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله. وهو رحلة يتجه فيها المسلم ببدنه وقلبه إلى البيت الذي وضعه الله تعالى في الأرض رمزًا لتوحيده ولوحدة عباده المؤمنين به وبأنبيائه. ذلك البيت الذي رفع قواعده إبراهيم الخليل محطم الأصنام، وهادم الشرك والوثنية، وأبو الأنبياء والمرسلين، والذي أمره الله بالتأذين بالحج في الناس: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَٰهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِى شَيْـًٔا وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ 26 وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 27 لِّيَشْهَدُوا مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ 28 ﴾ .
مـقـدمــة