والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله. وهو رحلة يتجه فيها المسلم ببدنه وقلبه إلى البيت الذي وضعه الله تعالى في الأرض رمزًا لتوحيده ولوحدة عباده المؤمنين به وبأنبيائه. ذلك البيت الذي رفع قواعده إبراهيم الخليل محطم الأصنام، وهادم الشرك والوثنية، وأبو الأنبياء والمرسلين، والذي أمره الله بالتأذين بالحج في الناس: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَٰهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِى شَيْـًٔا وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ 26 وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 27 لِّيَشْهَدُوا مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ 28 ﴾ .
والحج هو آخر ما فُرض من الشعائر والعبادات التي رسم الله حدودها ومعالمها؛ إذ كانت فرضيته في السنة التاسعة من الهجرة النبوية على أرجح الأقوال.
والذي يتدبر في فريضة الحج يجده يحتوي كثيرًا من أشكال التعظيم لله، وتعظيم أمره وشعائره، والتعبير عن الحب له، والإعلان عن ذكره وشكره في صورة جماعية، يقوم بها الحجيج معًا، في وقت واحد ومكان واحد.
فالعبادات التي يؤديها المسلم منها ما يؤديه بجهده البدني كالصلاة والصيام، وتُسمى: العبادات البدنية.
ومنها: ما يؤديه بذلًا من ماله لله، كالزكاة والصدقات، وتُسمى: العبادات المالية.
والحج الأكبر والعمرة ـ وهي الحج الأصغر ـ عبادتان بدنيتان يستخدم المسلم فيهما بدنه في الطواف والسعي في الحج والعمرة معًا. والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار في الحج وحده، وفي الوقت نفسه هما عبادتان ماليتان يحتاج فيهما المسلم إلى نفقة السفر من الزاد والراحلة، ويحتاج في الحج إلى ذبح الهدي.