فهناك نظام النفقات، الذي بين الأقارب بعضهم وبعض، بحيث يجب على الغني أن يواسي الفقير من ماله بما يحتاج إليه من النفقات هو وعياله. ولو امتنع القريب الغني الموسر من النفقة على قريبه الفقير المعسر، لاستطاع هذا الفقير أن يرفع قضية أمام المحكمة الشرعية المختصة، فتنظر في الأمر، وترى بالأدلة فقر هذا وغنى ذلك. وعندئذ تحكم بالنفقة على القريب الموسر على قريبه المعسر. قال تعالى: ﴿ وَأُوْلُوا ٱلْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ ﴾ .
ونجد من أحكام الأسرة الأساسية في الشريعة الإسلامية: قانون الميراث بين الأقارب بعضهم وبعض، على نظام قويم محبوك بين الأقارب بعضهم وبعض، لكل نصيبه إذا خلا له، يزيد وينقص وفق من يزاحمه. بعضهم يكون أولى منه فيؤخره تأخير حرمان، أو تأخير نقصان.
على أن الوصية قد تعوض من لا حظ له في الميراث، كما قال تعالى: ﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴾ .
بل جعل القرآن لمن يحضر قسمة الميراث من الأقارب واليتامى والمساكين أن ينالوا شيئًا من الخير العام الموروث، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُوا ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينُ فَٱرْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾ .
ومن الأحكام الشرعية المهمة التي ربطها الشرع بالأسرة الممتدة وقراباتها العصبية: ما يتعلق بدفع الدية لأهل المقتول خطأ وما يلحق به. فالمفروض في قتل الخطأ: أن تدفع له الدية، وهي تعويض فرضه الله تعالى لأقرب الناس إليه، يناله أولاده، وورثته من أسرته. ولما كانت الدية مبلغًا كبيرًا من المال (مائة ناقة عند العرب) قد يضيق به الرجل العادي، فإن الشريعة ألزمت به العصبة من الأقارب. ومعنى هذا أن تراقب الأسرة أبناءها من صغرهم، حتى يتأدبوا بالأدب العام، ولا يقعوا في الأخطاء التي تكلف الأسرة الممتدة بكل أقاربها ما لا تطيق. قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًٔا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُوا ﴾ .