الثالث: ألَّا تكون الأدوات المستخدمة مُعقَّمة وسليمة وملائمة للعملية المطلوبة، وألَّا يكون المكان ملائمًا، كالعيادات والمستشفيات والمراكز الصحية. فلا يجوز استخدام الأدوات البدائية، وبطريقة بدائية، وفي أمكنة غير مهيَّأة لذلك. كما يحدث في الأرياف ونحوها؛ لما يترتب على ذلك من أضرار يحظرها الشرع.
فإذا رُوعيت هذه الأمور الثلاثة، لم نستطع أن نصف ختان الإناث بأنَّه حرام، ولا بأنَّه جريمة وحشية، ولا سيما إذا اقتضته حاجة قرَّرها الطبيب المختصُّ الذي يُرجع إليه في مثل هذا الأمر.
نظرتان تأصيليتان:
بعد أن نظرنا في الأدلَّة العامة من القرآن الكريم والسُّنَّة المشرَّفة والإجماع والقياس، وما يمكن أن يُستفاد منها حول موضوع ختان الإناث، بقي أمامنا نظرتان أساسيتان، يلزم الفقيه أن يضعهما في اعتباره عند النظر إلى هذه الأمور التي تختلف فيها وجهات النظر عادة بين أهل الاجتهاد في الفقه.
وهاتان النظرتان الأساسيتان متعلِّقتان بالرجوع إلى القواعد الفقهية التي أصَّلها المحقِّقون من علماء المذاهب المختلفة، أو إلى مقاصد الشريعة الكلية المأخوذة من مُحكمات القرآن والسُّنَّة.
النظرة الأولى: شرعية منع المباحات للمصلحة:
لا شكَّ أنَّنا عندما نظرنا إلى الأدلَّة من القرآن والسُّنَّة والإجماع والقياس، لم نجد فيها دليلًا على وجوب ختان الإناث ولا على استحبابه. كما أنَّنا لم نجد فيها دليلًا على تحريمه أو كراهيته. فهم يقولون: إنَّه واجب أو مستحب أو مَكرُمة. وهذا دليل على أنَّهم متَّفقون على الجواز.