ولكن من المعلوم فقهًا أنَّ من الأمور الجائزة والمباحة، ما يجوز منعها بصفة كلية أو جزئية إذا ثبت أنَّ من ورائها مفسدة أو ضررًا، فإنَّما أباح الله ما أباح لعباده لييسِّر عليهم ويخفِّف عنهم، كما قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ ٱلْإِنسَـٰنُ ضَعِيفًا ﴾ .
فإذا ثبت بالتطبيق أنَّ في استعمال المباح ضررًا على الناس أو أكثرهم، وجب منعه، بناءً على قاعدة: «لا ضرر ولا ضرار»(1). كما يمكن أن يبقى ويطوَّر ويحسَّن أداؤه، وهو ما أشار إليه حديث: «أشمِّي ولا تَنهَكي»(2). كما منع عمر بن الخطاب 3 بعض الصحابة من زواج اليهوديات أو المجوسيات؛ لما فيه من فتنة على نساء المسلمين(3).
وهذا أمر يجب أن يخضع للبحث والدراسة، فإذا أثبتت الدراسة الموضوعية من قبل الخبراء والمتخصصين المحايدين، الذين لا يتبعون هواهم، ولا أهواء غيرهم، أنَّ الختان يضرُّ بالإناث ضررًا مؤكَّدًا أو مرجَّحًا: وجب إيقاف هذا الأمر، ومنع هذا المباح، سدًّا للذريعة إلى الفساد، ومنعًا للضرر والضرار.
وقد يكون لنا العذر في مخالفة مَن سبقنا من العلماء، لأنَّ عصرهم لم يعطهم من المعلومات والإحصاءات ما أعطانا عصرنا. من أجل هذا قالوا: إنَّ الفتوى تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والحال. ولو أنَّ مَن قبلنا ظهر لهم ما ظهر لنا، لغيَّروا رأيهم، فقد كانوا يدورون مع الحقِّ حيث دار.