هذا هو موقف الفقهاء من الإقرار بالنسب أو الاستلحاق، فكيف يقال: إنَّ الإسلام «أعطى لكل أحد الحق في أن يستلحق الطفل اللقيط أو ولد السِّفاح أو مجهول النسب، ويعتبره ولدًا له يحمل اسمه ولقبه ونسبه بالاستلحاق، ويكون لكل منهما على الآخر جميع ما يترتب على ذلك من ولاية وحضانة ووراثة»؟! هذا هو التبنِّي نفسه. وإذا كان في هذا مصلحة للقيط، فهي مصلحة أهدرها الشارع، أي ألغاها، ولم يجعل لها قيمة.
وأما المصلحة التي جعل لها قيمة، فهي المصلحة المرسلة، التي قال بها المالكية، وقال بها جمهور الفقهاء.
و«المرسلة» تعني ماذا؟
تعني: المطلقة من التقييد، أي لم يأت من الشارع نصٌّ باعتبارها بخصوصها، ولا بإلغائها بخصوصها.
أما مصلحة الطفل اللقيط في الانتساب إلى من ليس له بأب، فقد ألغاها الشارع؛ لأنَّها تتعارض مع مصالح كلية قطعية ضرورية أخرى، مثل إثبات النسب لأهله، لمن يستحقه، وترتب الأحكام والآثار الشرعية عليه.
عناية الشارع بالطفل اللقيط:
الشارع استبدل بذلك العناية باللقيط، والرعاية له، والقيام بتربيته وتعليمه، والإنفاق عليه، وتنشئته تنشئة سوية كريمة، تتيح له أن ينمو في بيئة صالحة تُكرمه وتحنو عليه.