وإذا لم يكن الابن ولا أحد من ورثته قادرًا على النفقة عليه، فإنَّ نفقته واجبة على المجتمع من حوله، فإنَّ أهل الحي أو أهل القرية أو العرصة متكافلون، يحمل قويهم ضعيفهم، ويساعد غنيهم فقيرهم حتى لا تبرأ منهم ذمة الله وذمة رسوله، وفي الحديث: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه»(1).
فإذا لم يكن في المجتمع سعة لمثل ذلك، فالواجب على الدولة أن تهيئ لهذا الشيخ وأمثاله من ذوي الحاجات: ما يكفيه بالمعروف ويغنيه عن السؤال. وقد قال ﷺ : «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمـام راع، وهـو مسؤول عن رعيته»(2)، وقال «أنا أولى بكل مسلم عن نفسه من ترك مالًا فلورثته، ومن ترك دينًا أو ضُيَّاعًا فإِليّ وعليّ»(3).
والضيَّاع: الضائعون، لفقرهم وعدم وجود ما يكفيهم، ولعجزهم عن السعي على أنفسهم، نتيجة الصغر كالأطفال، أو الكبر كالشيوخ والمسنِّين.
وهذا ليس للمسلمين فحسب، بل هو لكل من يعيش في ظل المجتمع الإسلامي، مسلمًا كان أو غير مسلم.
وقد ذكر الإمام أبو يوسف في كتابه «الخراج»، نص الوثيقة التي صالح عليها خالد بن الوليد 3 نصارى الحيرة بالعراق وهي تقول:
«وجعلتُ لهم: أيَّما شيخ ضعُف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًا فافتقر، وصار أهل دينه يتصدقون عليه: طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام»(4)