وبهذا الفَهم المبتور لا يبالون ما قصَّروا فيه بعد ذلك من أوامر الإسلام ونواهيه، وأحكامه ووصاياه، التي تستوعب كلَّ مجالات الحياة. مع أن العبادة ـ كما جاء بها القرآن والسُّنَّة، وكما فهمها خير قرون هذه الأمة ـ تشمل الدين كلَّه، وتشمل الحياة كلَّها.
من هنا رأينا واجبنا أن نصحِّح المفاهيم المغلوطة، التي سادت بين كثير من المسلمين المتأخرين في شأن العبادة، وأن نطارد الأفكار الضالَّة التي يريد بعض الناس أن يدخلوها في رؤوس المسلمين عن قيمة العبادة ومكانتها في الإسلام، وأن نبين معنى العبادة وحقيقتها، وشمولها وغايتها، وسر التكليف بها، وما جاء به الإسلام من هدى وإصلاح في مجالها. وبهذا نعرف: مَن نعبد؟ وهو الله تعالى. ولماذا نعبده؟ وبماذا نعبده؟ وكيف نعبده؟
كما تمَّمنا ذلك ببحث عن أسرار العبادات الإسلامية الكبرى التي عُرفت بأنها: «شعائر الإسلام»، والتي خُصَّت في المصطلح الفقهي باسم: «العبادات».
ثم ختمنا الكتاب بفصل عن المنهج الأمثل في تعليم هذه العبادات والشعائر، التي عُدَّت من مباني الإسلام.
ولعلي أكون بهذا الكتاب قد جلَّيتُ ما قصدتُ إليه، وأمطتُ اللثام عن وجه هذا الجانب الأساسي الهام من جوانب هذا الإسلام العظيم، الذي أكمله الله لنا، وأتمَّ به علينا نعمته، ورضيه لنا دينًا.
وأسأل الله أن ينفعني به وقارئه وناشره، وأن يغفر لي ما عسى أن يكون من زلات الفكر والقلم، وأن يجعلنا من أهل الإخلاص في عبادته، والمتابعة لشريعته، المترقِّين في مدارج السالكين، ومنازل السائرين إلى مقامات ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ، إنه سميع مجيب.