ثم هيأ الله الماء الذي يحيي الأرض بعد موتها، وهو أساس الحياة للإنسان والحيوان والنبات، كما قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ ٱلرِّيَـٰحَ بُشْرًۢا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِۦ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا 48 لِّنُحْـِۧىَ بِهِۦ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَـٰمًا وَأَنَاسِىَّ كَثِيرًا 49 ﴾ .
وكما أنزل الله الماء من السماء ـ وهو المطر ـ سخّر للناس الأنهار تجري من تحتهم، كما قال تعالى: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِۦ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْأَنْهَـٰرَ ﴾ .
ومن ذلك تسخير الشمس والقمر للإنسان قال سبحانه: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ﴾ .
الأمر الثاني: أنّ هذه البيئة كلها بجوانبها المختلفة، يتفاعل بعضها مع بعض، ويتكامل بعضها مع بعض، ويتعاون بعضها مع بعض، وفق سنن الله تعالى في الكون.
فالشمس في السماء تعطي الأرض من ضوئها وحرارتها ما لا تقوم الحياة بدونه، وهي تعطي هذا العطاء بلا توقف ولا من ولا أذى، وفق نظام لا يتبدل.
وكذلك القمر يعطي نوره ـ الذي يستمده من الشمس ـ للأرض، كما يؤثر في ظاهرة المد والجزر، وكل هذا لخدمة الإنسان.
وبهذا امتنَّ الله على عباده بقوله: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ﴾ وتأمل قوله تعالى (لكم) التي كرّرها في الآية، ليدلنا على أنّ هذه الأجرام العظيمة هيئت لمصلحة الإنسان المستخلف في الأرض. وقال تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُۥ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ ٱلْـَٔايَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ .