فرغم طول السفر ومشقَّته، بدليل شعثه وغبرته، ولعله سفر حجٍّ أو عمرة، ورغم أنَّه يمدُّ يده إلى السماء مناديًا: يا رب، يا رب، وكلُّ هذه المظاهر من مقرِّبات الإجابة، لا يستجاب له. وأنَّى يستجاب له، وهو منغمس في الحرام مأكلًا ومشربًا وملبسًا وغذاءً؟!
وعن ابن مسعود موقوفًا عليه: «والذي نفسي بيده، لا يكسب عبد مالًا من حرام، فيتصدَّق به، فيُقبل منه، أو ينفق منه، فيُبارَك له فيه، أو يتركه خلف ظهره، إلا كان زاده إلى النار. إنَّ الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إنَّ الخبيث لا يمحو الخبيث»(1).
ومن ظنَّ من رجال المال والأعمال أنَّه يجمع الملايين من حلال وحرام، ثم يبني مسجدًا للعبادة، أو مدرسة للأيتام، أو دارًا لتحفيظ القرآن، أو يطبع مصحفًا، أو ينشر كتابًا دينيًّا، أو نحو ذلك، مما يعدُّه الناس في أعمال الخير، ظانًّا أنَّ هذا يطهِّره، فهذا كلُّه مرفوض في نظر الشرع، لا وزن له عند الله سبحانه. فإنَّ الإسلام يشترط طهر الوسائل، كما يشترط شرف المقاصد والغايات. ولا يقبل الوصول إلى الحقِّ بطريق الباطل. إنَّ القاعدة المكينة هنا: «إنَّ الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا».