فمَن لم يكن لديه قدرة على فعل الخير، فليجعل ذلك من نيَّته، فربما كانت نيَّة المرء خيرًا من عمله، كما في حديث أبي كبشة الأنماري 3 : أنَّه سمع رسول الله ﷺ يقول: «إنَّما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتَّقي فيه ربه، ويصِل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقَّا، فهذا بأفضل المنازل؛ وعبد رزقه الله علمًا، ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا لعملتُ بعمل فلان. فهو بنيَّته، فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالًا، ولم يرزقه علمًا، يخبط في ماله بغير علم، ولا يتَّقي فيه ربه، ولا يصِل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل؛ وعبدٌ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيه بعمل فلان. فهو بنيَّته، فوزرهما سواء»(1).
8 ـ فعل الخير وإن صغُر:
قال تعالى: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۥ ﴾ ، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ . وقال رسول الله ﷺ : «سبق درهم مائة ألف درهم». قالوا: وكيف؟ قال: «كان لرجل درهمان، تصدَّق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عُرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدَّق بها»(2).
وقال ﷺ : «اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة، فمَن لم يجد شقَّ تمرة فبكلمة طيبة»(3)، وقال أيضًا: «مَن تصدَّق بعَدل تمرة من كسب طيِّب ـ ولا يقبل الله إلا الطيِّب ـ وإنَّ الله يتقبَّلها بيمينه، ثم يُرَبِّيها لصاحبها، كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّه (مُهْره) حتى تكون مثل الجبل»(4).
9 ـ ذمِّ المنَّاعين للخير:
وكما مدح القرآن فاعلي الخير والداعين إليه، ذمَّ أبلغ الذمِّ الذين يمنعون الخير، فقال تعالى في التشنيع على بعض المشركين من خصوم رسول الله وأعداء دعوته: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ 10 هَمَّازٍ مَّشَّآءٍۭ بِنَمِيمٍ 11 مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ 12 ﴾ .