ونحن لا نُنكِر أنَّ في البنوك الإسلامية أخطاء تصغر أو تكبر، وتقلُّ أو تكثر، ما بين بنك وآخر، وذلك لأنَّ العنصر البشري فيها جاء أساسًا ـ في الغالب ـ من البنوك التقليدية، فعقله مركَّب تركيبًا ربويًّا، وليس عنده أي خلفية إسلامية، ولا حماس عنده للفكرة، ولا فقه في المعاملات الشرعية، ولا غرو أن تقع منه أخطاء وربما انحرافات. كما أنَّ من الظلم أن نحكم على البنوك الإسلامية كلها حكمًا واحدًا، فهي بلا شك تتفاوت تفاوتًا كبيرًا. فبعضها بلغ مرحلة مهمة من التدقيق الشرعي كما في مصرف قطر الإسلامي، الذي كوَّن إدارة خاصة لهذا التدقيق، وبنك قطر الدولي الإسلامي.
وبعض البنوك الإسلامية يطور معاملاته، ويتخلص بالتدرج من بعض الشوائب التي اضطر إليها، وبعضها لم يدخل في المعاملات التي كثر حولها الكلام، مثل بيع المرابحة، وسوق السلع والمعادن الدولية، كما هو شأن بنك التقوى.
ومهما يكن الأمر، فلا ريب أنَّ البنك الذي ينص قانون تأسيسه ونظامه الأساسي على وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاته، والابتعاد عن المحظورات الشرعية فيها من الربا والغرر الفاحش والظلم والاحتكار والغش وغيرها.. ويفرض عليه وجود رقابة شرعية تعتبر قراراتها ملزمة واجبة التنفيذ بلا تردد.. مثل هذا البنك وإن ظهر في ممارساته بعض الخلل: أفضل من بنك لا يُلزِمه قانون ولا عرف برعاية أحكام الشرع.
وفي الواقع أنا لا يهمني البنك الإسلامي بقدر ما يهمني الحكم الشرعي، وأعني به تحريم الربا، الذي تعرض في الآونة الأخيرة لحملة مشبوهة مدبرة، ضمن الهجمة الكبيرة الشرسة المدروسة لكل ما هو إسلامي، في ميادين الاقتصاد أو الاجتماع أو الثقافة أو السياسة أو غيرها.