وقوله سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ .
إنَّ كلمة «حرام» كلمة كبيرة خطيرة؛ لأنَّ معناها أنَّ الله يعاقب على هذا الفعل بالنار، وهذا لا يجرؤ عليه مسلم يخشى الله تعالى، إلَّا أن يكون معه مستنَد لا يقبل الشكَّ. وإلا كان قولًا على الله بغير علم.
ومن المقرَّر: أنَّ تحريم ما أحلَّ الله، لا يقلُّ في الإثم عن إحلال ما حرَّم الله.
ومما ينبغي تأكيده هنا: أنَّ الاتجاه التشريعي في القرآن والسنة هو الميل إلى تقليل المحرَّمات وتضييق دائرتها؛ تخفيفًا على المكلَّفين. ولهذا كُرِهَتْ كثرة الأسئلة في زمن الوحي؛ لما قد يؤدِّي إليه من كثرة التكليفات، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَسْـَٔلُوا عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْـَٔلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْءَانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ ، وقوله ! : «ذروني ما تركتكم، فإنَّما هلك من كان قبلكم بكثرة أسئلتهم، واختلافهم على أنبيائهم»(1)، وقوله: «إنَّ أعظم المسلمين في المسلمين جُرْمًا: مَن سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين، فحرم عليهم من أجل مسألته»(2).
فلا ينبغي أن نخالف عن هذا الاتجاه القرآني والنبوي، بتكثير المحرَّمات، وتوسيع دائرة الممنوعات.