كما أنَّ صحيفة الأهرام، لم تكن منصفة في الحكم بين طرفي الحوار، فأعطت كل الحرية للدكتور فؤاد زكريا، ولم تعطِ لناقديه مثل ما أعطت، بل حولت دورهم وانتقاداتهم إلى الكاتب نفسه، يأخذ منها ويَدَع، على طريقة ﴿ لَا تَقْرَبُوا ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ . حتى إن الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي بعث بمقالتين إلى «الأهرام» حول الموضوع، فلم تنشر أيًّا منهما، ولم تشر إليه، وغطت ذلك بأنْ دعته إلى المشاركة في ندوة أدارتها الأهرام داخلها، يتكلم فيها الشيخ نصف ساعة، ثم يلخص ما قاله في سطرين أو ثلاثة!
وهذا ما جعلني أعلق على دعوة الحوار، التي أعلنها د. زكريا، أنَّها أشبه بسباق، يعدو فيه حصان واحد!
وقد تبين لي ـ فيما بعد ـ أن هذه المقالات، التي جمعها صاحبها وأودعها ضمن كتاب له، خطط لها العِلمانيون ضد الشريعة الإسلامية ودعاتها، فقد صدرت لهم عدة كتب، تهاجم الشريعة وفقهاءها قديمًا، والداعين إليها حديثًا.
كما فسحت لهم صحف معروفة صدورها، ليكتبوا في هذا الاتجاه ما شاءت لهم أهواؤهم، فضلًا عن مجلاتهم الخاصة، التي تعبر عن اتجاههم بصراحة، حيث لم يسمح للتيار الإسلامي، الذي يعبر عن القاعدة العريضة للأمة، أن تكون له مجلة تتحدث باسمه.
وقد أشار إلى هذه المؤامرة المدبَّرة الكاتب المسلم اليقظ الأستاذ فهمي هويدي في مقالاته، التي تنشر في «الأهرام»، وفي عدد من الصحف العربية في الأردن والخليج، ونبَّه أن هناك «تنظيمات متطرفة» للعِلمانيين، ينبغي أن تُدان، كما دينت تنظيمات دينية متطرفة؛ مثل: التكفير والهجرة. وقال: إنّ الفرق بين الاثنين هو: أنّ الأولين «الدينيين» شباب مندفع، سلك طريقه على سبيل الخطأ، وأنّ الآخرين شيوخ مجربون ـ بعضهم محترفون ـ اتخذوا مواقعهم عمدًا، ومع سبق الإصرار والترصد.